"الإشارة الصوتية".. شعار مارتون المكفوفين
بقلم ردينة حيدر
(للأمانة العلمية بس ... )"كنت أقطع الشارع مستدلا بعصاي حين زعق الشرطي وشحّطت السيارات وتعالت المسبات، وتجمدت في مكاني، لم يكن بالإمكان فعل أمر آخر، فأنا كفيف وثمة خطب يدور حولي!
وأنا مثل الأطرش بالزفة والحقيقة أنني لست مثل الأطرش بالزفة، لكن وبسبب غياب قوانين سير المكفوفين في بلدنا أو غياب كل القوانين الخاصة بالمعوقين - إلا عن دروج الوزارات- فقد أجبرت أنا وأقراني أن نكون بلهاء عصرنا، بلهاء صامتين اعتادوا على الإهانات والشتائم والسخرية، مع أني أعرف أن الأولوية بعبور الشارع هي لي وذلك حسب القوانين العالمية لسير المكفوفين، وربما أكون من القلائل الذين يعرفون ذلك"!.
هذا ما قاله محمد، واحدً من عشرات المكفوفين الذين خرجوا في ماراثون صامت قامت بتنظيمه جمعية بنا لرعاية المكفوفين، بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، للمطالبة بالإشارة المرورية الصوتية لمساعدتهم على العبور دون أي ارتباك، ودون أن يضطروا لطلب المساعدة من المارة.
وقد بدأ الماراثون الذي تصدرته مجموعة من المعوقين حركياً على كراسيهم من (ان هاوس) في المزة، إلى حديقة الجاحظ في أبو رمانة، لتلتقيه هناك السيدة أسماء الأسد، وتستمع إلى بعض مطالب المكفوفين الذين تجمعوا حولها.
السيدة لنا كورية، رئيسة مجلس إدارة جمعية بنا، قالت لنا أن الماراتون لم يكن بهدف المطالبة بالإشارة الصوتية وحسب، بل كان أيضاً نوعاً من العمل الاجتماعي الذي خرج فيه المكفوف نفسه ليعبر عن رأيه ويطالب بحقوقه، وأنها متأكدة من تحقيق مطالب الماراتون.
وأجابت عن سؤال حول عدم تطبيق وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل للقانون 34 للمعوقين حتى الآن، أن الوزارة كانت متعاونة جداً معهم، وأن على الجمعيات الأهلية أن تبادر بداية وأن تقدم اقتراحاتها للوزارة التي لن تقصر في المساعدة على كل الأصعدة. في حين عبر عضو إحدى الجمعيات الأخرى عن أن عمل الوزارة محكوم بالعلاقات الشخصية، وأنه وكثير من أصدقاءه في جمعيات أخرى ذهبوا إلى الوزارة وقدموا مقترحات وطلبوا مساعدات ولم تستجب لهم، ولم تعرهم أي اهتمام! كما عبر معظم المكفوفين بغضب وحنق بعد أن تجمعوا حولي آملين أن يجدوا سماء لصوتهم في صفحات دفتري الصغير بأنهم غالباً ما يتعرضون للتمييز والسخرية والطرد من مكاتب المسؤولين والموظفين في الوزارة، وأنه لاشيء من مطالبهم واحتياجاتهم الحقيقية تحقق.
وفي استطلاع للآراء، سننشره فيما بعد، تبين أن /2/ فقط من 50 من المكفوفين الذين التقيناهم كانوا يعرفون القانون رقم /34/ وكانوا قد اطلعوا عليه بشكل ما!.
وقد ضم الماراثون عدد من الجمعيات (جمعية رعاية المكفوفين في دمشق، وجمعية رعاية المكفوفين في حمص، جمعية رعاية المكفوفين في تدمر، جمعية رعاية المكفوفين في اللاذقية، الجمعية الخيرية للمعوقين، جمعية الوئام السورية للنساء الكفيفات).
بين الأخذ والرد والماراثونات والمؤتمرات تبقى حقوق المعوقين رهن العصا السحرية في هذا البلد، بل رهن المعوقين أنفسهم، فحقوقهم لن تقدم لهم على طبق من بلور، ولن تهبط لهم الوظائف من السماء، لذلك تبدو جمعيات المعوقين الأهلية الفاعلة هي الخطوة الحقيقية الأولى نحو تكريس وجودهم في هذا المجتمع ونيل حقوقهم.